أفريقيا 86
:: الزمالك البطل للمرة الثانية ::
على غير العادة و في الساعة السادسة مساء يوم الأحد 21 ديسمبر 1986 خيم
وساد الهدوء نادى الزمالك … الأعضاء جالسون صامتون … الملاعب خاوية
والحدائق كذلك و ليس هناك سوى عامل البوفيه يقدم الطلبات في هدوء … الكل
يسمع … ينصت … يتابع أحداث اللقاء الهام و المصيري بين الزمالك و افريكا
سبورت بطل ساحل العاج الذي ينقله حمادة إمام عبر إذاعة الشباب و الرياضة .
و وسط هذا الهدوء الذي لم يعتاده نادى الزمالك من قبل كان صوت حمادة إمام
مجلجلا خاصة في الهجمات التي يقودها مهاجمو الزمالك و أن كان أكثرها إثارة
هجمة لجمال عبد الحميد في الدقيقة 31 من الشوط الأول حيث انتفض الأعضاء
وقوفا ضاربين كفا بكف ثم عادوا إلى مقاعدهم مرة أخرى في هدوء … و أعلن صوت
حمادة إمام عن هدف لفريق افريكا سبورت في الوقت المحتسب بدل الضائع من
الشوط الأول لينقلب المكان رأسا على عقب و سادت حالة من الهرجلة و
الارتباك و عدم الاتزان و ربنا يستر في الشوط الثاني و ديرامبا الجابوني
ما يعملهاش . و مرة أخرى و لم تعد هناك سوى بعض الهمسات و التي سرعان ما
انفجرت في الدقيقة 11 من الشوط الثاني عندما احتسب الحكم الجابوني ضربة
جزاء غير صحيحة جاء منها الهدف الثاني ليمر الوقت ثقيلا و كئيبا و كأن
الدقيقة بيوم كامل و لا حديث إلا عن الحكم الملعون الذي صدقت التوقعات و
الأقاويل عنه. و بدأت المرحلة المثيرة … ركلات الترجيح … خلالها تحرك
الأعضاء في كل مكان … البعض بدأ يزحف خارج النادي حتى تنتهي ضربات
المعاناة من نقطة الجزاء و بعض الأخر يخرج ليعود مرة أخرى حيث نادي
المنادي مبروك لمصر و الزمالك العودة بالكأس… تعالوا نعرف حكاية الزعيم مع
تلك البطولة الصعبة جدا جدا . ظروف صعبة جدا بسبب تغير الأجهزة الفنية
حرمت الزمالك من الاحتفاظ بلقبه الذي حققه عام 1984 … و خسر في العام
التالي بركلات الترجيح أمام الجيش الملكي المغربي في دور الأربعة … و عاد
ليشارك هذا العام 1986 و يخوض معركة تحرير كأس أفريقيا للأندية الأبطال …
بداية المشوار كانت بستاد القاهرة يوم الرابع من أبريل و على مرأى و مسمع
من 30 ألف متفرج و الحكم التونسي ناصر كريم و بخماسية جميلة فاز الزمالك
على فريق القهود بطل رواندا سجل كل من طارق يحيي و جمال عبد الحميد هدفين
و اشرف قاسم هدفا … و بعد أسبوعين من هذا التاريخ عاد الزمالك بالتعادل و
التأهل لدور الستة عشر من رواندا بعد أن أحرز رمزي هدف التعادل . كانت
المفاجأة في مستوى فريق ديناموزهراري بطل زيمبابوي خلال مباراة الذهاب
التي أقيمت بالقاهرة و فاز الزمالك بهدفين فقط مقابل هدف أحرزهما جمال عبد
الحميد و طارق يحيي من ضربة جزاء … و ظن الكثيرون أن الزمالك ودع البطولة
مبكرا و أن الإنجاز السابق لا يمكن أن يتكرر مرة أخرى مع الارتفاع الملحوظ
و الكبير في مستوي الكرة في معظم البلدان الأفريقية .
لكن حمادة إمام المشرف على الكرة وقتها كان له رأى أخر … و بذكاء الثعلب
استطاع أن يلعب على الوتر الحساس المسمى بالوطنية و الرجولة فألهب حماسة
اللاعبين و حولهم إلى اسود التهموا نجيل ملعب ستاد هراري و أحرزوا هدفين و
أضاعوا عشرة … سجل للزمالك ايمن يونس و علاء فوزي .
الفوز كان من نصيب انتركلوب بطل بوروتدي في مباراة الذهاب التي أقيمت على
ملعبه في الرابع عشر من سبتمبر و تحديدا في دور الثمانية … لكن هدفا واحدا
سهل تعويضه في القاهرة و هذا ما حدث بالفعل عندما سجل جمال عبد الحميد و
طارق يحيي و ايمن يونس ثلاثة أهداف عربت بالزمالك إلى موقعة صعبة جدا في
الدور قبل النهائي إمام فريق كانون ياوندى الرهيب … و يالها من موقعة . في
ياوندى أقيمت مباراة الذهاب … و يبدو أن الزمالك ابتلى طوال تاريخه في
البطولات سواء القارية أو المحلية بالحكام من ضعاف النفوس أو الذين دون
المستوى … الحكم الجامبي جاس لم يعجبه أن يسجل الزمالك هدفا في الدقيقة
الأولى عن طريق جمال عبد الحميد … رفض الحكم أن يخيم الصمت و الدهشة على
مدينة ياوندى كاملة … ووسط ظروف صعبة اقل ما يقال عنها أنها غير طبيعية
مطر ووحل و طين و جمهور متعصب يرفض خسارة فريقه و أعلام حول المباراة إلى
معركة … وسط هذه الظروف استطاع أبناء الزمالك هز شباك كانون ياوندى البطل
الأفريقي و الأسد الكاميروني في أول دقيقة … احتسب الحكم ضربة جزاء ظالمة
تعادل بها الفريق الكاميروني و رضي الزمالك بالتعادل و كافح لاعبوه طوال
الشوط الثاني … لكن لم يعجب ذلك أيضا الحكم الجامبي و زيادة في درع
الزمالك … و بكل جبروت و استغلال خاطئ للقانون راح يحتسب ضربة جزاء ثانية
عندما اكتشف فشل مهاجمي كانون ياوندى في غزو مرمي الزمالك بالطرق الشرعية
و يخرج الزمالك مهزوما بهدفين مقابل هدف و مع ذلك أعطت هذه النتيجة رجال
الزمالك شحنة اقوي ليفوز في القاهرة و لو بهدف واحد ليعلنوا للعالم
الأفريقي و اتحاده و حكامه انهم جديرون للوصول للدور النهائي … و من ثم
الفوز بالكأس .
ترويض الأفيال في القاهرة
الزمان : الجمعة 28 نوفمبر 1986
المكان : ستاد القاهرة الدولي
الحكم : مكاري سارا السنغالي
المباراة : الزمالك بطل مصر أمام افريكا سبورت بطل ساحل العاج
التفاصيل : بهدفين نظيفين أحرزهما ايمن يونس في ثلاث دقائق فصلت بينهما
راحة ما بين الشوطين فاز الزمالك على افريكا سبورت العاجي في لقائهما
الأول في الدور النهائي لكأس أفريقيا للأندية أبطال الدوري … كانت الكرة
اغلب الوقت في نصف ملعب الضيوف و أضاع لاعبو الزمالك فرصا كثيرة خاصة في
الشوط الأول … قدم الزمالك عرضا قويا و لم يكن أحد من لاعبيه دون مستواه
لكن استبسال دفاع الفريق العاجي و إهدار الفرص الثمينة أوقف النتيجة عند
فارق هدفين . الفارق مطمئن إلى حدا ما و يستلزم أن يستعد الزمالك لمباراة
العودة في ابيدجان و المؤكد إنها ستكون معركة كروية قوية لتكون سنة مباركة
للكرة المصرية … أقيمت المباراة في طقس جميل و نظام شامل اشرف عليه رجال
الزمالك أمام 50 ألف متفرج يتقدمهم الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء و
نائبة جمال الجنزوري و الدكتور على لطفي رئيس مجلس الشورى و الدكتور عبد
الأحد جمال الدين رئيس المجلس الأعلى للشباب و الرياضة . ارتدى لاعبو
افريكا سبورت فانلات حمراء و كان ذلك كفيلا بإثارة لاعبي الزمالك الذين
هاجموا بشراسة منذ بداية اللقاء … الفارق واضح و كبير في المهارات لصالح
لاعبي الزمالك ولم يصل لاعبو افريكا سبورت لمنطقة جزاء الزمالك إلا مرة
واحدة طوال الشوط الأول الذي كاد أن ينتهي بالتعادل السلبي حتى جاءت
الدقيقة الأخيرة عندما مرر طارق يحيي الكرة إلى بدر حامد في الجبهة اليسرى
رفعها فوق منطقة الجزاء وثب إليها ايمن منصور مع حارس المرمي جوامبني الذي
سقطت الكرة من يديه فأرسلها ايمن يونس بيساره أرضية داخل الزاوية اليسرى
برغم وجود اثنين من مدافعي افريكا سبورت … و مع بداية الشوط الثاني و قبل
مرور دقيقتين و من كرة مرفوعة في الناحية اليمنى حولها جمال عبد الحميد
برأسه إلى ايمن يونس أمام القائم الأيسر للمرمي لف جسمه لفة كاملة و لعب
الكرة بيمناه قوية داخل شباك الفريق الايفوارى محرزا هدف التعزيز للزمالك
بعدها استأنف الزمالك هجومه المكثف مصمما على زيادة رصيده من الأهداف لكن
الاستعجال و الرعونة حال دون ذلك لتبقى كلمة الحسم مؤجلة لحين انتهاء
مباراة العودة في ابيدجان
بالأمل تتحقق الأماني
سافر الزمالك إلى ابيدجان يسبقه الأمل و الاستعداد للقاء التاريخي الذي
انتظره كل مصري خاصة و أن عام 1986 كان عام السيادة المصرية على الكرة
الأفريقية بعد أن فاز منتخبنا الوطني بكأس الأمم الأفريقية للمرة الثالثة
في تاريخه بعد غياب 27 عاما و تمنى المصريون أن تكون بطولة الزمالك مسك
الختام و نهاية لعام كروي جاء سعيدا للغاية … و بهذه الأمنيات حمل الزمالك
أمتعته و طار إلى ساحل العاج أو كما يطلق عليها باريس أفريقيا … وحمل
الزمالك معه رصيدا طيبا من المباراة الأولى و اصبح أمامه اكثر من فرصة
للعودة بالكأس يفوز أو يتعادل أو ينهزم بفارق هدف … و هناك أيضا احتمال
ركلات الترجيح . روح لاعبي الزمالك كانت عالية … و إصرارهم على الفوز كان
كبيرا ليؤكدوا و يثبتوا لجماهيرهم الكبيرة و العريضة انهم ليسوا اقل من أي
ناد … و وضح خلال الأيام القليلة التي عاشها الفريق في ابيدجان أن
الالتزام و الطاعة و الاحترام هم أساس التعامل بين اللاعبين و أفراد
الجهاز الفني لان هناك هدفا واحدا يشغل الجميع إلا و هو الكأس الغالية …
الكل يحاول تهيئة الظروف لصالح اللاعبين لتحقق الإنجاز المنتظر … حتى
الطبيعة ساندت الزمالك فجاءت قاسية لتشد من عزم اللاعبين أصحاب المواقف
الصعبة و الإجادة في الظروف غير الطبيعية صحافة كوت ديفوار و ساحل العاج
حثت الجماهير على الحضور و كأن فوز فريقهم مضمون و التلفزيون و الإذاعة
هناك يقطعان برامجهما بين الحين و الآخر ليوجها النداءات إلى الجماهير في
بلادهم و بلاد غيرهم لمساندتهم في التشجيع و المؤازرة و مواجهة المصريين
أما الاهتمام الأكبر بالمباراة جاء من قبل رئيس الدولة الذي احتفل بزفاف
ابنته صباح يوم المباراة . كل هذه الظروف عاشها و لمسها لاعبو الزمالك
الأبطال … و استكمالا للمعاناة كان المفروض أن يتدرب الزمالك بملعب ستاد
الجامعة إلا أن الفريق عندما ذهب إلى الملعب وجده مشغولا بمباراة رسمية
لفريق الناشئين و ظل المرافق يتجول من ملعب إلي آخر حتى بلغ عدد الملاعب
التي زارها اكثر من ستة ملاعب منها الإستاد الرئيسي و لكنه وجدها جميعا
مشغولة و اضطر الفريق للعودة إلى الفندق و أداء تدريباته بأحد حدائقه و
كان جميلا أن اتصل الدكتور عبد الأحد جمال الدين بالمهندس حسن عامر رئيس
البعثة و ابلغه عن استفسار الرئيس مبارك عن حالة الفريق و رد المهندس عامر
بأن اللاعبون مصممون على تنفيذ وعدهم له و العودة بكأس البطولة . السحر و
الشعوذة منتشر جدا و بشكل واضح في أفريقيا و الشعوب الأفريقية يؤمنون به …
و من ملامح ما حدث مع الزمالك قبل المباراة انهم قاموا بذبح خنزير على باب
حجرة ملابس لاعبي الزمالك و تركوا الدماء أمام الحجرة لكن يمر من فوقها
لاعبو الزمالك لكي يجلب عليهم النحس … و أيضا عقب نزول الفريق العاجي
للملعب قبل المباراة مشي لاعبوه على خط التماس حتى الراية الركنية و دخلوا
الملعب بظهورهم كنوع من التفاؤل ووضعوا عظم الخنزير في مرمي طارق عبد
الحليم و أخرجه خالد جلال مرتين … و أيضا أثناء قراءة فريق الزمالك
الفاتحة قام أحد صبية الملعب نحوهم و حاول الدخول وسطهم و تفريقهم و لكن
اللاعبين نهروه و فازوا رغم كل أنواع السحر . مكسب ليس كأي مكسب و انتصار
فاق كل الانتصارات … انتصر الزمالك على الحكم الجابوني و اجبره على أن
يطلق صافرة النهاية دون أن يسدد لاعبهم أخر ركلة ترجيح لان الأمر قد نفذ
من يديه … البعثة سهرت حتى الصباح في أبيد جان بينما سهرت ميت عقبة و
جماهير الزمالك الوفية حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي ابتهاجا
بفوز الزمالك … ثم انهالت برقيات التهنئة و المكالمات الهاتفية يعبر
أصحابها عن سعادتهم الغامرة بفوز الزمالك بالبطولة . و هكذا كانت حكاية
إنجاز أفريقي رائع حققه الزمالك زعيم القارة السمراء قبل أن يضف إليه
إنجازات أخري كثيرة و قبل أن ينتقل لبطولة أخري هي البطولة الافرواسيوية و
التي شارك فيها عام 1988 .
الضربات الحاسمة
1- الضربة الأولى : اخفق مجدي طلبة عندما سدد الكرة في يد الحارس لكن
القدر كان رحيما عندما سدد دنياور ظهير افريكا سبورت و اخرج الكرة بعيدا
عن القائم الأيمن لمرمي طارق عبد الحليم عندما لعب الكرة على يسار الحارس
العاجي و اتبعه ابوار سيد الظهير الأيسر بالتسجيل لفريقه … النتيجة 1 / 1
2- الضربة الثانية : تصدى لها جمال عبد الحميد و أحرز أول أهداف الزمالك
3-
الضربة الثالثة : نجح محمد حلمي في إحراز الهدف الثاني للزمالك عندما لعب
الكرة على يسار الحارس بينما اخفق فيكتوريا منيران لتصبح النتيجة 2 / 1
لصالح الزمالك
4-
الضربة الرابعة : تقدم لها حمادة عبد الطيف و أحرز ثالث أهداف الزمالك
عندما سدد الكرة على يمين حارس افريكا سبورت و اتبعه مونجى بالتسجيل
لفريقه لتصبح النتيجة 3 / 1 لصالح الزمالك
5- الضربة الخامسة و الحاسمة : الصاعد اشرف قاسم يحرز هدف البطولة و تنتهي المباراة
سجل الشرف
ضمت قائمة الأبطال كل من الكابتن حمادة إمام مشرفا عاما على الكرة و احمد
مصطفى مدير للكرة و مستر باركر الإنجليزي مديرا فنيا و محمود سعد مدربا و
جلال محمود و حمدي يوسف إداريين و فكرى صالح مدربا لحراس المرمي و ممدوح
مصباح طبيبا و فؤاد عبد المتعال للعلاج الطبيعي و شارك في الإنجاز 21
لاعبا هم هشام يكن و احمد رمزي و حمادة عبد اللطيف و جمال عبد الحميد و
اشرف قاسم ومحمد حلمي و طارق يحيي و طارق عبد العليم و إسماعيل يوسف و بدر
حامد و ايمن يونس و مجدى طلبة و خالد جلال و علاء فوزي و محمد صلاح و مجدي
شلبى و نصر إبراهيم و عادل المأمور و خالد عبد الرحمن و إبراهيم يوسف و
فاروق جعفر و لم يشارك تسعة لاعبين ممن تم قيدهم و هم عمدا المندوه و ايمن
طاهر و جمال عبد الله و مدحت مكي و عادل عبد الواحد و صلاح الطيب و هانى
عبادة و احمد سالم و سعيد الجدي